استراق الجن للسمع
بِسْمِ اللهِ الرَّحمْنِ الرَّحيْمِ
﴿لا يَسمَعُونَ إِلَى المَلإِ الأَعلَى وَيُقذَفُونَ مِن كلِ جَانِب * دُحُوراً وَلَهُم عَذَابٌ وَاصِبٌ *
إِلاَّ مَن خَطِفَ الخَطفَةَ فَأَتبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾(الصافات:8-10)
﴿وَلَقَد زَينا السمَآءَ الدُّنيَا بِمصَابِيحَ وَجَعَلناهَا رُجُوماً لِلشيَاطِينِ﴾(الملك: 5)
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
سنبين نكتة مهمة من نكات هذه الآيات الكريمة وامثالها من الآيات لمناسبة اعتراض يرد من اهل الضلالة على وجه النقد
تفيد هذه الآيات الكريمة ان جواسيس الجن والشياطين يسترقون السمع الى اخبار السموات ويجلبون منها الاخبار الغيبية الى الكهان والماديين، والذين يعلمون في تحضير الارواح.
ثمرة التوحيد في الذات الإلهية
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
ان الجمال الإلهي والكمال الرباني يظهران في التوحيد وفي الوحدانية، ولولا التوحيد لظل ذلك الكنز الأزلي مخفياً.
نعم، ان الجمال الإلهي وكماله الذي لايحد، والحسن الرباني ومحاسنه التي لانهاية لها، والبهاء الرحماني وآلاءه التي لاتعد ولاتحصى، والكمال الصمداني وجماله الذي لامنتهى له، لايشاهد الاّ في مرآة التوحيد؛ بوساطة التوحيد ونور تجليات الاسماء الإلهية المتمركزة في ملامح الجزئيات الموجودة في اقصى نهايات شجرة الكائنات.فمثل:ان إرسال اللبن الخالص السائغ الى رضيع صغير لايملك حولاً ولاقوة، ومن حيث لايحتسب، من بين فرث ودم، فعلٌ جزئي. هذا الفعل الجزئي ما ان يُنظر اليه بنظر التوحيد حتى يظهر الجمال السرمدي لرحمة الرحمن بأبهى كماله وبأجلى سطوعه في إعاشة جميع الصغار في العالم إعاشة خارقة، وفي احاطتهم بمنتهى الشفقة والحنان، بتسخير والداتهم لهم .
ثمرة التوحيد في ذوي الشعور
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
هذه الثمرة متوجهة الى ذوي الشعور، ولاسيما الى الانسان.
نعم، ان الانسان بسر التوحيد، صاحب كمال عظيم بين جميع المخلوقات، وهو أثمن ثمرات الكون، وألطف المخلوقات واكملها، واسعد ذوي الحياة ومخاطب رب العالمين واهلٌ ليكون خليله ومحبوبه. حتى ان جميع المزايا الانسانية وجميع مقاصد الانسان العليا مرتبطة بالتوحيد وتتحقق بسر التوحيد، فلولا التوحيد لأصبح الانسان اشقى المخلوقات وادنى الموجودات واضعف الحيوانات واشد ذوي المشاعر حزناً واكثرهم عذاباً وألماً.
ذلك لان الانسان يحمل عجزاً غير متناه، وله اعداء لانهاية لهم، وينطوي على فقر دائم لاحدود له وحاجات لاحدود لها.
ومع هذا فان ماهيته مجهزة بآلات ومشاعر متنوعة وكثيرة الى درجة يستطيع ان يستشعر بها مائة الف نوع من الآلام وينشد مئات الالوف من انواع اللذائذ.
الحاكمية تقتضي التوحيد
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
هذه المصنوعات انما تخلق وتوجد بالصفات المطلقة لحاكم حكيم، كبير كامل، وباسمائه المطلقة وبعلمه غير المحدود وبقدرته غير المتناهية. يشهد على هذا ماهو ماثل امامنا من الافعال الحكيمة والتصاريف البصيرة للامور الجارية في هذا الكون.نعم، يُفهم ويُعلم قطعاً بحدس قطعي، من هذه الآثار بل يشاهد: ان ذلك الصانع له حاكمية وآمرية بدرجة الربوبية العامة، وله كبرياء وعظمة بدرجة الجبروتية المطلقة، وله كمال واستغناء عن غيره بدرجة الالوهية المطلقة، وله فعالية وسلطنة لاتتناهى ولايحدها حد ولايقيدها قيد.
فالحاكمية والكبرياء والكمال والاستغناء عن الغير والاطلاق والاحاطة وعدم التناهي وعدم الحدّ، كلها تستلزم الوحدانية وتضادد الشرك.
فشهادة الحاكمية والآمرية على التوحيد والوحدانية قد اثبتت في مواضع كثيرة من رسائل النور.
ما نعمله في الليالي المباركة
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
اخوتي الاعزاء الصديقين ويا زملاء الدراسة في هذه المدرسة اليوسفية!
ان الليلة القادمة هي ليلة النصف من شعبان، وهي بمثابة نواة سامية لسنة كاملة ونوع من برنامج للمقدرات البشرية، لذا تكتسب هذه الليلة قدسية من ليلة القدر.
فمثلما الحسنات تتضاعف إلى ثلاثين ألف ضعف في ليلة القدر، يرتفع العمل الصالح وكل حرف من الحروف القرآنية في ليلة النصف من شعبان إلى عشرين ألف ثواب.
فلئن كانت الحسنة بعشرة امثالها في سائر الاوقات، ففي الشهور الثلاثة ترتفع إلى المائة وإلى الالف، وفي هذه الليالي المشهورة ترتفع إلى عشرة آلاف، وعشرين الف، وثلاثين ألف من الحسنات.
فهذه الليالي المباركة تعدل عبادة خمسين سنة، لذا فالانشغال - قدر المستطاع - بتلاوة القرآن الكريم والاستغفار والصلوات على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة ربح عظيم جداً.(*)
&